الأحد 2 ربيع الآخر 1446
شروط التكليف بالتوحيد
الإثنين 09 يناير 2023 2:00 مساءاً
1388 مشاهدة
مشاركة

شروط التكليف بالتوحيد

أولا: العقل

وهو قسمان: عقل يتعلق به التكليف وهو الغريزي، عقل لا يتعلق به التكليف وهو المكتسب، واعلم أن العقل الذي لا يتعلق به التكليف يزال بمزيلين حسيين وآخرين معنويين.

أما المزيلان الحسيان فهما، الخمر والمخدرات.

وأما المعنويان فهما: الهوى، والتقليد الأعمى.

ولذلك تجد كفار قريش أنكروا دعوة التوحيد بحجة التقليد الأعمى، قال تعالى حكاية عنهم {أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} إلى قوله تعالى {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق}، وأيضا فرعون لما سأل موسى {فمن ربكما يا موسى} وأجابه موسى بالجواب المقنع {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} احتج عليه فرعون بالقرون السابقة {قال فما بال القرون الأولى} أي لماذا كفرت ولم تهتد إلى سواء السبيل، هذا أحد التفسيرين للآية وهو أقربهما، والتفسير الآخر أن قال هذا للتشغيب ولتغيير الموضوع.


ثانيا: البلوغ 

ويدل لهذين الشرطين حديث عائشة وعلي -رضي الله عنهما- مرفوعا: (رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق) [حم 943، د 4398، جه 2041، وحسنه البخاري الترمذي وابن القيم، وصححه ابن حزم والنووي، وله طرق يقوي بعضها بعضا كما قال الحافظ في الفتح 12/124، وصححه الألباني]

** علامات البلوغ ثلاثة مشتركة بين الذكور والإناث، وعلامتان خاصتان بالنساء:

العلامة الأولى: خروج المني، والدليل الإجماع

العلامة الثانية: نبات شعر العانة، ويدل لذلك حديث عطية القرظي -رضي الله عنه- قال: "كنت من سبي بني قريظة، فكانوا ينظرون فمن أنبت الشعر قتل، ومن لم ينبت لم يقتل، فكنت فيمن لم ينبت" [حم 18299، د 4404 واللفظ له، جه 2542، ت 1584، ن 3429، وصححه الألباني]، ولفظ النسائي: "فمن كان محتلما أو نبتت عانته قتل، ومن لم يكن محتلما أو لم تنبت عانته ترك"

العلامة الثالثة: بلوغ خمس عشرة سنة، ويدل لذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (عرضني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني) قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة، فحدثته هذا الحديث فقال: "إن هذا لحد بين الصغير والكبير، فكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة، ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال" [خ 2664، م 1868]

العلامة الرابعة: (وهي خاصة بالنساء) الحيض، والدليل الإجماع

العلامة الخامسة: (وهي خاصة بالنساء) الحبل، والدليل الإجماع


ثالثا: بلوغ الدعوة 

فمن لم تبلغه الدعوة فلا يكلف بالتوحيد، ويدل لذلك قوله تعالى {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين} وقال تعالى {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} وقال تعالى {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى} فقوله {من قبله} أي من قبل إرسال الرسل، وقال تعالى {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} وقال تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}، وسيأتي مزيد بحث لهذا الشرط عند الكلام على العذر بالجهل. 


رابعا: سلامة إحدى حاستي السمع والبصر 

لأن من فقد سمعه وبصره فهو بمثابة من فقد عقله والدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (أربعة يحتجون يوم القيامة، رجل أصم لا يسمع) الحديث وسيأتي، ويدل لهذا قول الله تعالى {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} فلما أصمهم وأعمى أبصارهم انتفى عنهم كل سبيل للهداية، وقد يقال إن المراد بالأبصار هنا بصيرة القلب، وهو ليس ببعيد. [ينظر: نواقض الإسلام القولية والعملية ص55-58]