السبت 20 محرم 1446
استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب
الخميس 14 أكتوبر 2021 2:00 مساءاً
500 مشاهدة
مشاركة

يحرم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب، لحديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- مرفوعا: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) [خ 5426، م 2067]، والصحاف جمع صحفة وهي دون القصعة، فالقصعة ما تشبع عشرة، والصحفة ما يشبع الخمسة، ومثل هذا سائر الأواني.

وعن أم سلمة -رضي الله عنها- مرفوعا: (الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) [خ 5634، م 2065] وأولى منه الذهب، وهذا الحديث يدل على أن هذا الفعل من كبائر الذنوب، وهذا الحكم -أي التحريم- مجمع عليه عند عامة العلماء. 


واختلف العلماء في علة تحريم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب، على أقوال:

القول الأول: وهو قول الجمهور أن العلة هي الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء.

القول الثاني: وهو قول لبعض العلماء أن العلة هي أنها آنية أهل الجنة، ولذلك هي للكفار في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، كما قال تعالى {يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب}، وقال تعالى {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا}

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن شرب في آنية الذهب والفضة في الدنيا لم يشرب بها في الآخرة، لباس أهل الجنة، وشراب أهل الجنة، وآنية أهل الجنة) [النسائي في الكبرى، وقال الحافظ: "سنده قوي"، فتح الباري 10/97]

وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الذي يشرب في إناء الفضة: (من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة) [م 2066]

ولكن هذا التعليل ليس بصحيح، والشارع حرم الخمر وأخبر أنها شراب أهل الجنة، ولم تكن العلة في تحريم الخمر أنها شراب أهل الجنة، ولكن العلة هي الإسكار ونحو ذلك.

القول الثالث: وهو قول ابن القيم أن العلة في ذلك ما يكسب استعمالهما من الهيئة المنافية للعبودية منافاة ظاهرة، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إنها للكفار في الدنيا. [انظر زاد المعاد 4/351] 

وجميع الأقوال السابقة لا تخرج عن كونها حكمة وليست علة يدور معها الحكم وجودا وعدما، فالحكمة هي المصلحة التي قصد الشرع تحقيقها بتشريعه الحكم من جلب مصلحة للخلق أو دفع مفسدة عنهم، كما تقول: الحكمة من تشريع القصاص حفظ الحياة، ومن حِكَم تشريع الحج شهود المنافع، وأما العلة فهي الوصف الظاهر المنضبط الذي بُني عليه الحكم، ورُبط به وجودا وعدما؛ لأنه مظنة تحقيق المصلحة المقصودة من تشريع الحكم، والغالب هو تحققها، وإن تخلفت فعلى وجه الندرة.

فالأقرب أن يقال إن العلة هي كونهما ذهبا وفضة، أو لأن الذهب والفضة قد علق الشارع عليهما أساس الاقتصاد الإسلامي، وجعل عدة أحكام أصلية منوطة بهما كالربا في المعاملات والزكاة في العبادات.